نظريات التعلم وتوظيف الموارد الرقمية: Admin
Admin

نظريات التعلم وتوظيف الموارد الرقمية

09/08/2015 16:32

إن الاهتمام المتزايد بالتعلم خلال القرن الماضي، والتراكمات التي أحدثتها البحوث التربوية في هذا المجال، أدى إلى ظهور عدة نظريات للتعلم أهمها: النظرية السلوكية، النظرية المعرفية، النظرية البنائية والنظرية السوسيوبنائية

teacher-role

3-1-نظريات التعلم وتوظيف الموارد الرقمية

إن الاهتمام المتزايد بالتعلم خلال القرن الماضي، والتراكمات التي أحدثتها البحوث التربوية في هذا المجال، أدى إلى ظهور عدة نظريات للتعلم أهمها: النظرية السلوكية، النظرية المعرفية، النظرية البنائية والنظرية السوسيوبنائية.

3-1-1-النظرية السلوكية:

        تهتم أساسا هذه النظرية بالتعليم وبالنتائج الملاحظة بدل سيرورات التعلم، حيث تركز على التلقين والتكرار والدعم من أجل تحقيق أهداف التعلم التي يحرص المدرس على قياسها من خلال ملاحظة سلوكات المتعلمين. يقوم المدرس بتجزيء المضامين إلى وحدات منطقية مكونة من معارف خارجية موضوعية، ويعمل على إيصالها إلى التلميذ الذي يجب عليه استظهارها أثناء التقويم (امتحان) بالاعتماد على الذاكرة والتطبيق الآلي للقواعد. وباستثمار التكنولوجيات الحديثة، تمكنت هذه النظرية من خلق برانم على شكل ممرنات (exerciseurs) عرفت انتشارا بين المتعلمين بفضل التفاعل الذي يميزها.

3-1-2-النظرية المعرفية:

يعمل أنصار هذه النظرية على تسليط الضوء على السيرورات الداخلية للتعلم، حيث يعتبر المتعلم فاعلا حيويا، فهو الذي يدمج الحقيقة الخارجية في تمثلاته الذهنية، ولا يحصل التعلم الا إذا لوحظ تغيير على مستوى البنيات العقلية للمتعلم. أما دور المدرس فيكمن في خلق شروط ديداكتيكية تساعد المتعلم على بلورة استراتيجيات لتعلمه.

ويرى المعرفيون (cognitivistes) أن الاهتمام بالسلوك الجزئي يؤدى إلى إهمال العلاقات التي تنظم هذه الأجزاء والمعنى المتضمن فيها، وأن التعلم البسيط الذي يؤكد على المثير والاستجابة وتكوين العادات والحفظ الصم والتكرار من خصائص السلوك الحيواني. (محمد عطية خميس2003 أ،32).

إن النظريات المعرفية تدعم استخدام الأشكال البصرية في التعلم، ومن أهمها نظرية التشفير الثنائي التي تفترض أن المعلومات تخزن في الذاكرة "الطويلة المدى" بشكلين: بصري ولفظي، وهي التي يتم تذكرها بصورة أفضل من المعلومات التي تمثل في شكل واحد.[1]

3-1-3-النظرية البنائية:

تعتبر هذه النظرية التعلم نشاطا ذهنيا، ينتج عن سيرورة فعالة لبناء المعرفة تتم في ذهن الفرد، انطلاقا من تجربته الشخصية. فالتفكير حسب بياجيه هو عملية استيعاب وتنظيم وتكيف، لذلك تعتبر المتعلم محور عملية التعلم، وتتلخص أسس هذه النظرية فيما يلي:

  • يبني الفرد المعرفة داخل عقله ولا تنتقل إليه مكتملة.
  • يفسر الفرد ما يستقبله ويعطيه معنى انطلاقا من معارفه.
  • للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد أثر كبير في بناء المعرفة، أي أن التعلم يتم في سياق اجتماعي.
  • يحدث التعلم من خلال وضع المتعلم في مواقف تعليمية حقيقية يتم إعدادها وتجهيزها، بحيث تقوم على أساس براهين تعكس إحساس المتعلم بالعالم الحقيقي.[2]

يربط نموذج التعلم البنائي بين العلم والتكنولوجيا، مما يعطي المتعلمين فرصة لرؤية أهمية العلم بالنسبة للمجتمع ودوره في حل مشكلاته، فهو بذلك يوفر للمتعلم فرصة ممارسة عمليات التعلم الأساسية والمتكاملة. وإذا كان دور المعلم في السلوكية هو تهيئة بيئة التعلم لتشجيع الطلاب على اكتساب السلوك المرغوب فيه، فإن دوره في البنائية يكمن في تهيئ بيئة التعلم لتجعل المتعلم يبني معرفته بنفسه.

وقد استفادت هذه النظرية من التكنولوجيات الحديثة، من خلال تطوير برامج تسمح بتفريد التعلمات والقيام بمحاكاة تجارب واقعية ( (Basque, Rocheleau et Winer,1998.

3-1-4-النظرية السوسيو-بنائية:

يرى فيكوتسكي أن المجتمع له دور أساسي في النمو المعرفي، وللسياق الاجتماعي والثقافي تأثير في التعلم من خلال تفاعل المتعلم مع أشخاص آخرين: المدرس أو أقرانه من المتعلمين، وهو شرط أساسي لبلوغ مرحلة "المنطقة القريبة من النمو" (zone proximale de développement). كما يشترط الباحث فليب جونيير لتحقق المقاربة السوسيو-بنائية ما يلي:[3]

  • يجب ألا يكف التلميذ /المتعلم عن الاشتغال، انطلاقا من معارفه الخاصة، حيث يلائمها ويغيرها ويعيد بناءها ويدحضها تبعا لخصائص الوضعيات.
  • تستدعي الوضعيات المقترحة على التلاميذ، ضمن منظور تكاملية المواد، موارد تحيل هي ذاتها على موارد دراسية مختلفة.
  • التحرر من الانغلاق داخل حدود المدرسة.
  • اعتبار بناء المعارف تبعا للسياق والوضعيات.

أما أدوار المدرس والتلميذ حسب المنظور السوسيو-بنائي، فنلخصها في الجدول التالي: [4]

التعريفات ما يجب أن يقوم به التلميذ دور الأستاذ

الصراع المعرفي

-هناك صراع، لا توازن أمام المجهول

- هناك مشكل في أطر الفكر والتمثلات التي تخول القرار.

- على أن أقوم بشئ ما.

- قم بمحاولات لتحل المشكل

- ابحث عن إجابات للوضعية

- اخلق وضعية معقدة متكيفة مع إمكانيات التلاميذ

- اعمل على إظهار التمثلات

- حاول تعقيد الوضعيات الموالية

الصراع السسيو-معرفي

- في وضعية اجتماعية تفاعلية هناك مجابهة للتمثلات التي تحدث التغيير وتحسن كفاية كل فرد

- التبادل، المواجهة بالمقارنة مع أشياء أخرى

- أنجز مهمة مشتركة للوعي بأن هناك تعاقبا أو تناوبا

- تنظيم المجموعات

- احترام الاكراهات

- إعادة صياغة التعليمات أو التوجيهات

-لا تقدم المعلومة

- وضع الموارد رهن الإشارة

- اختيار نمط المواجهة الأكثر نجاعة

الميتامعرفي

- الوعي بطرق التفكير

- تنظيم سيرورات التفكير الخاصة

- التحدث عن طريقة التفكير التي سيطبقها التلميذ

 

- المساعدة على الصياغة

- التحفيز، التشجيع، قبول جميع الاقتراحات

- مضاعفة أخذ الكلمة من طرف التلاميذ

 

وعلى المستوى التكنولوجي، أوجدت السوسيو-بنائية برامج مفتوحة مثل العوالم الميكروية التي يجرب فيها المتعلم فرضياته، والوسائط الفائقة التي توفر بيئات مرنة لاكتشاف وبناء معارف خاصة.[5]

3-1-5-النظرية الاتصالية:

        وهي من النظريات الحديثة التي ارتبطت بالتطور التكنولوجي المعاصر، وتسعى لوضع التعلم عبر الشبكات في إطار اجتماعي فعال. فبعد انتقاده للنظريات السابقة التي لا تعكس في نظره طبيعة التعلم في عصرنا الرقمي، قدم الباحث«سيمنز2005» النظرية الاتصالية للتعلم والمعرفة (Connectivisme)، وعرفها بأنها نظرية تسعى إلى توضيح كيفية حدوث التعلم في البيئات الإلكترونية المركبة، وكيفية تأثره عبر الديناميكيات الاجتماعية الجديدة، وتدعيمه بواسطة التكنولوجيات الجديدة[6].

وتناقش التعليم بوصفه شبكة من المعارف الشخصية والتي يتم إنشاؤها بغية إشراك الناس في التنشئة الاجتماعية والتفاعل على تقنيات شبكات التواصل الاجتماعي بالويب، وهي تسعى جاهدة للتغلب على القيود المفروضة على النظرية السلوكية والمعرفية والبنائية، عن طريق تجميع العناصر البارزة من الأطر الثلاث (التعليمية – الاجتماعية – التكنولوجية) بهدف استحداث نظريات جديدة ودينامية لبناء نظرية التعلم في العصر الرقمي[7].

3-2-توظيف نظريات التعلم في تصنيف الموارد الرقمية.

إن فهم طبيعة عملية التعلم يتطلب إجابات عن أسئلة متعددة حول خصائص المتعلمين، وكيفية تعلمهم، والشروط التي تيسر هذا التعلم وظروفه، والأساليب والإجراءات المناسبة لحدوث التعلم، وكيفية تقويمهم، ونظريات التعليم والتعلم هي التي تجيب عن ذلك. لذلك ينبثق تصميم الموارد الرقمية عن تطبيق مقصود لنظرية تعلم معينة، حيث يختار المصممون مفاهيم واستراتيجيات من تلك النظريات التي تتـفق واعتقاداتهم[8].

إن تنوع وكثرة برانم التعلم يجعل من الصعب تصنيفها، وهذا ما دفع العديد من الباحثين إلى تصنيف الموارد الرقمية حسب الوظيفة البيداغوجية المتبناة من قبل المدرسين، والمهام المطلوبة من المتعلمين وكذا طريقة التعامل مع المعلومة. وحسب دانييل بيريا (Daniel peraya) فإن الموارد الرقمية تصنف حسب طبيعتها (تنشيط، تعلم، تعاون...) وتوظيفها (تمرين، روائز، صور...) ومجال ذلك التوظيف (مقطع، حصة، درس...)، ونكتفي هنا بذكر نموذجين:

3-2-1-تصنيف إيمان أسطا:

ü      البرمجيات التعليمية (tutorials): التي تؤدي دور المعلم بطرحها مفاهيم جديدة وشرحها للمادة والتأكد من فهم الطالب لها من خلال طرح الأسئلة والتمارين، وتقديمها تغذية راجعة على إجابات المتعلم، مع الاستفادة من الإمكانيات التفاعلية التي يقدمها الحاسوب، ويرتكز أسلوبها التعليمي على نموذج المثير-الاستجابة، المتمركز حول المعلم.

ü      العوالم المصغرة (Micro mondes): حيث المتعلم لا يتلقى التعليم استنادا إلى مجموعة متكاملة من المعلومات المعدة سلفا، كما هو الحال في البرمجيات التعليمية، وإنما يستكشف الموضوع بنفسه ويبني معرفته عن طريق حل المسائل واستنباط الحلول. ذلك أن العوالم المصغرة المعتمدة على الحاسوب قد صممت بناء على فرضية أن التلاميذ يتعلمون من خلال تفكيرهم الذاتي البناء[9].

3-2-2-تصنيف ديفريس (Erica deVries. 2001)

    وضعت الباحثة الفرنسية ديفريس جدولا يربط البرانم المستعملة بنظريات التعلم وذلك على أساس ثمانية وظائف    بيداغوجية:[10]

وظيفة بيداغوجية نوع البرنام نظرية التعلم مهمة المتعلم المعارف
تقديم معلومة برمجية تعليمية معرفية القراءة تقديم منظم
توفير التدريبات تمارين مكررة سلوكية إنجاز تمارين تجميع
المدرس حقا برنام التعلم الذكي معرفية حوار تمثل
إثارة انتباه وحماس المتعلم لعب تربوي سلوكية لعب تكرار
توفير فضاء للاستغلال

الوسائط الفائقة

Hypermédia

معرفية

بنائية

اكتشاف

دخول حر

en accès libre

توفير بيئة لاكتشاف قوانين طبيعية محاكاة

بنائية

معرفية مموقعة

استخدام

ملاحظة

نمذجة

توفير بيئة لاكتشاف

مجالات مجردة

عوالم مصغرة

Micro mondes

بنائية بناء

Matérialisation

تجسد

توفير فضاء للتبادل بين المتعلمين تعلم تعاوني Cognition située مناقشة بناء المتعلم

 

خاتمة

من البديهي أنه لا توجد نظرية تعلم وحيدة يمكن الاعتماد عليها في تصميم الخبرات التعليمية وتحقيق أهداف التعلم المتنوعة، فالنظرية السلوكية تتعامل مع السلوك الظاهري للمتعلم والذي يخضع للملاحظة والقياس دون النظر إلى العمليات العقلية أثناء حدوث هذا السلوك، فيما يهتم أصحاب النظرية المعرفية بالعمليات العقلية التي تحدث داخل عقل المتعلم وينتج عنها سلوك التعلم.

 وإذا كان أصحاب النظرية البنائية والسوسيو-بنائية يرون أن المتعلم يبني معارفه بذاته، فإن النظرية الاتصالية تشجع على بناء الخبرات والتفاعل الاجتماعي عبر الشبكات. لذلك نجد أن كل نظرية تظل تعاني من جوانب قصور وأوجه نقد، وقد أكد الباحثون Basque, Rocheleau et Winer أن النموذج التربوي الأكثر واقعية في الوسط المدرسي يتموقع بين  النظرية المعرفية والبنائية مع بعض تطبيقات السلوكية في بعض المناسبات[11].

لقد أفادت التكنولوجيا الحديثة نظريات التعلم، كما استفادت هذه التكنولوجيا بدورها من جوانب القوة في كل نظرية لتصميم الموارد الرقمية تصميما تربويا، وتوظيفها في تدريس وتعلم الرياضيات. لذلك يمكن القول إن الموارد الرقمية ليست محايدة، بل يتم تصميم كل مورد رقمي منها وفق نظرية تربوية تفسر فعل التعلم، وعلى المدرس توظيفه، توظيفا بيداغوجيا لتحقيق الأهداف التي صمم من أجلها.

فماذا عن البيداغوجيات النشيطة السائدة في الحقل التربوي المعاصر، وما مدى ملاءمتها لتوظيف الموارد الرقمية في التدريس عامة وفي تدريس الرياضيات بالخصوص؟

المراجع:

[1]بدر عمر العمر(1990) المتعلم في علم النفس التربوي، الكويت، مطابع كويك تايمز، ص 182.

[2]صبري، ماهر إسماعيل وابراهيم محمد تاج الدين، 2000م: فعالية استراتيجية مقترحة قائمة على بعض نماذج التعلم البنائي وخرائط أساليب التعلم في تعديل الأفكار البديلة حول مفاهيم ميكانيكا الكم وأثرها على أساليب التعلم لدى معلمات العلوم قبل الخدمة بالمملكة العربية السعودية، رسالة الخليج العربي، مكتبة التربية العربي لدول الخليج،77، ص.6

[3]الحسن اللحية، دليل علوم التربية الخاص بهيئات التدريس الابتدائي والإعدادي والثانوي للإعداد للامتحانات المهنية.

[عبر الخط] http://colleglksiba.canalblog.com/archives/2011/10/18/22389962.html (تاريخ الزيارة 02/03/2014) 

[4]الحسن اللحية. نفس المرجع

[5] Catherine BULLAT-KOELLIKER, op.cit

[6] د. أحمد عبدالمجيد "شبكات التعلم الإلكترونية والنظرية الاتصالية" connectivism، مجلة التدريب والتقنية، العدد: 167 -محرم 1434هـ/ ديسمبر2012م

[7] دمحمد جابر خلف الله ، النظرية الاتصالية Connectivism فى التعليم بالشبكات الاجتماعية (تاريخ الزيارة 14/01/2014)

[8] د. السيد عبد المولى السيد أبو خطوة، "مبادئ تصميم المقررات الإلكترونية المشتقة من نظريات التعلم وتطبيقاتها التعليمية".

[عبر الخط]. http://www.abegs.org/Aportal/ (تاريخ الزيارة 11/11/2013).

[9] 381إيمان أسطا، تكنلوجيا المعلومات والاتصال في تعليم الرياضيات: دراسات من البلدان المتقدمة والبلدان النامية ص.ص375-، الكتاب السنوي الرابع، الفصل 14ضمن التربية والتعليم وتكنلوجيا المعلومات في البلدان العربية: اتجاهات وقضايا.

[10]deVries, E. (2001). Les logiciels d'apprentissage : panoplie ou éventail ? Revue Française de Pédagogie, 137, 105-116, accessible à http://web.upmf-grenoble.fr/sciedu/edevries/deVries_RFP.pdf (consulté le 25/11/2013)

[11] Catherine BULLAT-KOELLIKER, op.cit

 Conseiller à un ami

Vous ne pouvez pas poster de commentaire.