واقع بناء المعارف الرياضية بالتعليم الثانوي: عبد اللطيف الصافي - محمد المستمد
عبد اللطيف الصافي - محمد المستمد

واقع بناء المعارف الرياضية بالتعليم الثانوي

21/08/2015 20:10

تميزت المناهج الجديدة لتدريس الرياضيات بالمغرب بمجموعة من الإصلاحات التي شملت كافة مكوناتها (مضامينها، الغلاف الزمني المخصص لتنفيذها، الكتب المدرسية، الاختيارات الديداكتيكية...). هذه الإصلاحات يتداخل فيها ما هو ذاتي، كالحصص الزمنية، بما هو موضوعي كالاختيارات الديداكتيكية.

الوضعية-المسألة

واقع بناء المعارف الرياضية بالتعليم الثانوي الإعدادي بالمغرب) السنة الأولى نموذجا (

   تميزت المناهج الجديدة لتدريس الرياضيات بالمغرب بمجموعة من الإصلاحات التي شملت كافة مكوناتها (مضامينها، الغلاف الزمني المخصص لتنفيذها، الكتب المدرسية، الاختيارات الديداكتيكية...). هذه الإصلاحات يتداخل فيها ما هو ذاتي، كالحصص الزمنية، بما هو موضوعي كالاختيارات الديداكتيكية.

        سنهتم في هذا البحث بالاختيارات الديداكتيكية المعتمدة في تدريس الرياضيات بالسلك الثانوي الإعدادي من خلال تحليل نوعية الأنشطة التمهيدية الواردة في كتاب التلميذ والوقوف عند مدى انسجامها مع الاختيارات الديداكتيكية التي يحث عليها كتاب الأستاذ والتي تتمحور أساسا حول بناء المعارف.

        وإذا كان بناء المعارف الرياضية يتجسد أساسا في التدريس بواسطة الوضعية-المسألة، فما هي المكانة التي تعطيها الكتب المدرسية الجديدة لمادة الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي للتدريس بالوضعية-المسألة؟

        من أجل مقاربة هذا السؤال/الإشكالية، سنتبع في عملنا هذا الخطوات التالية:

1- الوضعية-المسألة وبناء المعارف الرياضية

1.1- ما المقصود ببناء المعارف في الرياضيات ؟

2.1- ما هي الاختيارات الديداكتيكية الكفيلة بتيسير بناء المعارف في الرياضيات ؟

3.1- مفهوم الوضعية-المسألة، مميزاتها؛

4.1-  بناء الوضعية – المسألة؛

2- الوضعية-المسألة بالتوجيهات التربوية؛

3- الوضعية-المسألة بالكتب المدرسية لمادة الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي:

        - تحليل دليل الأستاذ؛

        - تحليل كتاب التلميذ؛

4- خـلاصة عامة؛

5- اقتراحات وتوصيات.

الوضعية-المسألة وبناء المعارف الرياضية

ما المقصود ببناء المعارف الرياضية؟

        الحديث عن بناء المعارف الرياضية تبلور من خلال مختلف الانتقادات الموجهة لمجموعة من الاختيارات الكلاسيكية في تدريس الرياضيات، والتي تنطلق من بعض التصورات حول المتعلم وحول المعرفة الرياضية وحول كيفية اكتساب المعارف من طرف المتعلم، هذه التصورات التي نلخصها فيما يلي:

ü       المتعلم صفحة بيضاء يمكن أن نكتب عليها ما نشاء أو إناء فارغ يمكننا ملؤه تدريجيا بالمعارف؛

ü       التعلم انتقال من حالة الجهل إلى حالة المعرفة، وعملية التعلم هي مراكمة للمعارف في رأس فارغ بطريقة خطية وتراكمية؛

ü       المعرفة الرياضية هي سلسلة من المفاهيم والخاصيات والمبرهنات مبنية بشكل خطي وتراكمي، يستنتج بعضها من البعض الآخر بطريقة منطقية مجردة.

        يغيب عن هذه التصورات سؤال تبلور المفهوم الرياضي عبر التاريخ، والمشاكل التي كانت وراء ظهوره، والعوائق التي واجهته، والتصورات التي صححها، والسياق الذي جاء فيه. باختصار، إن هذا التصور يهمل السؤال التاريخي للرياضيات كمعرفة عالمة، ويهمل بالتالي التحليل الإبستيمولوجي لها ليطابقها في الأخير مع المعرفة الواردة بالكتب المدرسية. وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى وجود مجموعة من البداهات العلمية التي تتجاوز وتدحض مثل هذه التصورات والاعتقادات:

         إن ذهن المتعلم ليس فارغا، وفي هذا الصدد يقول باشلار: " وعندما يتبدى العقل للثقافة العلمية لا يكون فتيا أبدا، وحتى إنه كهل جدا لأن عمره من عمر ابتساراته préjugés ..." (1). وهكذا فالتعلم ليس انتقالا من حالة الجهل إلى حالة المعرفة، بل هو تعديل لمجموعة من التصورات، أو إعادة تنظيمها، أو تكميلها، أو إدماج لتعلمات أخرى معها، أو تقويضها إن كانت خاطئة.

        والمعرفة ليست معطيات جاهزة تخرج من أذهان علماء أوعباقرة، بل تنبع دائما من الحاجة. فالعلماء يهتمون بالأسئلة والمشاكل، والمعرفة تخلق في سياق الجواب عن هذه الأسئلة وحل تلك المشاكل، يقول باشلار:

 »بالنسبة للعقل العلمي، تعتبر كل معرفة جوابا عن مسألة، فإذا لم تكن ثمة مسألة، لا يمكن أن تكـون هناك معرفة علمية، لا شيء ينطلـق من بداهة، لا شيء معطى، كل شيء يبنى«   (2)."الحاجة تجسد هنا فقدان توازن الفرد مع محيطه، نتحدث عن حاجة عندما يتغير شيء ما فينا أو حولنا يفرض علينا أن نتفاعل مع محيطنا وذلك عبر محاولة استيعاب Assimilation المعطيات الجديدة الواردة علينا من هذا المحيط، والاستيعاب هنا هو محاولة للإدماج incorporation  كما يرى بياجي، إدماج المعطيات الجديدة فينا، في مجالنا الإدراكي، في حقلنا المفهومي، لكن عملية الاستيعاب هاته، ودمج المعطيات الجديدة الواردة من هذا المحيط، لا تتم بدون رد فعل المحيط عبر ما يسميه بياجي بـ" المواءمة Accommodation "  وعبر عمليتي الاستيعاب والمواءمة، يدخل الفرد في مرحلة من" اللاتوازن une phase de déséquilibre " بعد أن كان يعيش توازنا قبل ظهور المعطيات/الأسئلة الجديدة. إن هاتين العمليتين متداخلتان ولا وجود لإحداهما بمعزل عن الأخرى. يتجسد تفاعل الفرد مع محيطه من خلالهما. هذا التفاعل يصل مرحلة التوازن، وهو توازن بين تأثير الفرد على المحيط ورد فعل هذا الأخير، أي توازن بين الاستيعاب والمواءمة ويسميه بياجي بالتكيف Adaptation  تكيف الفرد مع محيطه يعني تجاوزه لمرحلة  اللاتوازن ووصوله إلى توازن جديد، أي توازن أرقى. (3)

        إذا كان تطور المعرفة ينتج عن تفاعل الفرد مع محيطه نتيجة ظهور معطيات جديدة تدخل الفرد في مرحلة من اللاتوازن وهذه المرحلة تقتضي توازنا جديدا، فكيف تتم عملية التعـلم؟ أي كيف تتم عملية اكتساب المعرفة؟ لهذين السؤالين طبيعة إبستيمولوجية،  لكن بياجي سيجيب عنهما إجابة سيكولوجية. يتجاوز بياجي نظرة الإبستيمولوجيا التقليدية والتي بموجبها تعتبر المعرفة الإنسانية كحالة ثابتة سواء عند أفلاطون الذي كان يرى بأن المعرفة تذكر، أو عند ديكارت الذي تحدث عن الأفكار الموروثة، ويوضح دور الفرد (أي نشاطه الإدراكي) في بناء المعرفة. يقول بياجي: " لقد بينت البحوث التي قمنا بها... أنه لا وجود لمعرفة-حالة ناتجة عن تسجيل ملاحظات خارجية وفي غياب هيكلة نابعة من نشاط الفرد" )4).

        إن نشاط الفرد حاسم في بناء المعرفة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تبنى على مجرد الصور الحاصلة لنا من الإدراكات، هكذا تصبح المعرفة في نظر بياجي سيرورة وليست معطيات جامدة، هذه النظرة للمعرفة هي التي قادت بياجي إلى دراسة العلاقات بين الإبستيمولوجيا والتطور في محاولة للإدماج بين أسئلة الإبستيمولوجيا وظروف تبلورها عند الطفل والمراهق وذلك بالاعتماد على أسس التجربة.

        يقول بياجي: " أصبحنا نقر اليوم بأن المعرفة سيرورة دينامية وليست حالة قارة، وإن هذا التحول في إدراك ماهية المعرفة يجرنا حتما إلى وضع قضية العلاقات بين الإبستيمولوجيا والتطور في إطار جديد وكذلك الشأن بالنسبة للنشوء السيكولوجي للمفاهيم العلمية " (5).

        استنادا إلى أعمال بياجي يمكن أن نقر بأن نشاط المتعلم حاسم في اكتساب المعرفة، وأن هذه الأخيرة تبنى من طرف المتعلم عبر تفاعله مع معطيات جديدة. لكن، ما هي الآليات الكفيلة بتيسير بناء المعارف عند المتعلمين ؟

 الاختيارات الديداكتيكية الكفيلة بتيسير بناء المعارف في الرياضيات؟

        يتوخى بروسو Brousseau من خلال نظرية الوضعيات الديداكتيكية تأسيس معنى المفاهيم الرياضية عند المتعلمين. فلكي يكتسب المفهوم الرياضي معنى عند المتعلم، يجب أن يأتي كجواب عن سؤال معين في سياق معين، أو أن يمكنه من ربح إستراتيجية جديدة في وضعية معينة، أو أن يمكنه من رؤية مختلفة أو تأويل جديد من شأنهما إغناء استراتيجياته وتخصيبها. باختصار، استهدف بروسو تجاوز الاختيارات العتيقة في تدريس الرياضيات والتي تعتمد على إنزال Parachutage المفهوم كمعرفة جاهزة إلى استراتيجية تتمحور حول أشكلة المفهوم حتى يأتي هذا الأخير كحل لمسألة.

وفق هذا المنطق انبثق مفهوم الوضعية-المسألة في تدريس الرياضيات بهدف دفع المتعلم إلى اكتشاف مفهوم رياضي جديد أو على الأقل الإحساس بالحاجة إليه، وبالتالي تهييء الأرضية لتقديم هذا المفهوم. الهدف الأساسي إذن هو وضع المتعلم في وضعية الباحث المختص ـ مع مراعاة الفارق ـ حتى يساهم في بناء المفهوم المناسب لحل المسألة.

 مفهوم الوضعية-المسألة:

يتعلق الأمر بوضعية تتضمن مسألة يقتضي حلها استعمال مجموعة من الأدوات التي سبقت دراستها، وتوظيف بعض التقنيات والمفاهيم المكتسبة حتى نصل إلى اكتشاف -ومن ثمة استيعاب-مفهوم جديد. هذا الصنف من الوضعيات يصطلح عليه بالوضعية-المسألة والتي يفترض فيها أن تمكن المتعلم من:

ü       توظيف مكتسباته السابقة؛

ü       الاقتناع بنفسه بقصور هذه المكتسبات وعدم كفايتها لحل الوضعية-المسألة وذلك دون أية إشارة من مدرسه؛

ü        التمكن أخيرا من بناء مفهوم جديد...أو على الأقل الشعور والاقتناع بالحاجة لشيء جديد(6).

ü       التدريس بواسطة الوضعية-المسألة يعني العمل على خلق الشروط اللازمة لتعارض conflit معرفي ذي طبيعة تكوينية قائم على ثلاثة جوانب:

  • التحفيز la motivation: وجود الرغبة في رفع التحدي على الوضعية-المسألة؛
  • حرية الفعل la liberté d’action: غياب أية إشارة أو مساعدة من طرف الآخر؛
  • وجود عائق obstacle يحول دون الوصول إلى حل نهائي للوضعية-المسألة بتوظيف المكتسبات القبلية للمتعلم (7)

يحيل الجانبين الأول والثاني على تدبير محكم للقسم عند اقتراح الوضعية-المسألة، تدبير يتضمن المراحل التالية:

- مرحلة الفعل phase d’action:

  إنها مرحلة البحث، وهي مرحلة أساسية، على المتعلم أن يتملك فيها المسألة ويتمكن خلالها من توظيف مكتسباته ويعلن عن رغبته في التحدي، أي الوصول إلى حل. ويمكن للبحث في هذه المرحلة أن يتم في مجموعات صغيرة بعد العمل الفردي وذلك لاستثمار التعارضات السوسيو معرفية بين المتعلمين؛

-         مرحلة الصياغةphase de formulation :

حيث يتمكن المتعلم (أو المجموعة) من التصريح شفويا أو كتابيا بالأدوات المستعملة أو الحل الذي تم التوصل إليه. ويمكن أن يلي هذه المرحلة نقاش حول مختلف النتائج المتوصل إليها والخطوات التي تم اتباعها؛

-         مرحلة الإثبات phase de validation :

على المتعلم خلال هذه المرحلة أن يحاول إثبات صلاحية النتائج التي توصل إليها؛

يتعين على المدرس، خلال هذه المراحل الثلاثة، أن يتفادى أي تدخل حول المضمون كلما أمكن ذلك، حتى يترك مسؤولية حل الوضعية –المسألة على عاتق المتعلمين.

-         مرحلة المأسسة phase d’institutionnalisation :

إنها مرحلة لتحديد المعارف التي تم بناؤها حيث يتم تجاوز التفاوتات بين المتعلمين: أي خلق تجانس في المعرفة بينهم؛

-         مرحلة التمارين والتقويم :

يتم خلالها مساعدة المتعلمين على الاستئناس بالمكتسبات الجديدة وتوظيفها في وضعيات مختلفة حتى يحصل الوعي لديهم بمجالات تطبيقها (8).  

 بينما يتطلب الجانب الثالث (وجود العائق) القيام بتحليل دقيق للوضعية-المسألة يكون الهدف منه هو التنبؤ بكل المحاولات التي يمكن أن يلجأ إليها المتعلم أثناء تعامله مع الوضعية-المسألة حتى نتأكد من أن مكتسباته القبلية غير كافية للوصول إلى حل نهائي وبالتالي تبقى المعرفة التي نتوخى بناءها هي الأداة الوحيدة لحل المسألة.

        يبدو أن التحليل القبلي للوضعية-المسألة أمر صعب إن لم يكن مستحيلا لأنه لا يقتضي فقط إلماما جيدا بمكتسبات المتعلمين والمبادرات التي يمكن أن يتخذوها عندما يقترح عليهم نص مسألة، لكنه يتطلب أيضا رصد ردود أفعالهم عند مواجهة مسألة مفتوحة، هذه الردود التي تختلف عما نلاحظه في التمارين التقويمية والتي عادة ما تكون مغلقة. لتجاوز هذه الصعوبة، يمكن اللجوء إلى التحليل التاريخي للمفهوم الرياضي المستهدف وذلك استنادا إلى الفرضية المثيرة حول وجود روابط بين العوائق التي تواجه المتعلمين عند حلهم للوضعية-المسألة... والعوائق التي قادت بالفعل إلى التطور التاريخي لهذا المفهوم (9).

        بعد محاولتنا لتعريف الوضعية-المسألة وتوضيح الغاية منها، وشروط ممارستها داخل الفصول الدراسية، كيف يمكن بناء الوضعية-المسألة؟

 بناء الوضعية – المسألة:

        الحديث عن الاعتبارات اللازمة لبناء وضعية-مسألة لبناء مفهوم معين يقتضي العودة إلى فكرة أساسية تشير إلى وجود روابط بين تطور هذا المفهوم عبر التاريخ واندماجه في سياق المعرفة العالمة، وسيرورة اكتسابه عند المتعلم. استنادا لهذه الفكرة، يمكن تأويل مجموعة من أخطاء المتعلمين وصعوباتهم وتمثلاتهم والعوائق التي يواجهونها بخصوص اكتساب مفهوم معين بالعودة إلى سيرورة تشكل هذا المفهوم عبر التاريخ واستحضار المشاكل والأسئلة التي كانت وراء ظهوره، ورصد العوائق التي واجهت العلماء وعطلت انبثاقه، وكيف تم التغلب على هذه العوائق.

        توضح لنا هذه الاعتبارات أهمية التحليل الإبستيمولوجي للمفهوم المستهدف عند بناء الوضعية-المسألة. لكن هذا التحليل وإن كان لازما، فإنه لا يعفينا من استحضار مكانة المفهوم في الرياضيات كمعرفة عالمة، وفي التخصصات الأخرى بل وحتى في الحياة اليومية، والقيام بدراسة لمختلف مكونات منهاج تدريس الرياضيات من توجيهات تربوية وكتب مدرسية لمعرفة متى شرع في تدريس هذا المفهوم، وكيف تدرج عبر الأسلاك التعليمية، وما هي الأنشطة والمسائل المرتبطة به؛ وفي مرحلة لاحقة، تأتي دراسة التصورات القبلية للتلاميذ حول هذا المفهوم من خلال تحليل أخطائهم حوله ورصد العوائق التي يتعين عليهم تخطيها لاكتسابه(10).

 الوضعية المسألة في النصوص الرسمية:

        بعد تقديم فكرة موجزة عن مفهوم الوضعية- المسألة باعتبارها استراتيجية ضمن مقاربة جديدة في تدريس الرياضيات، وسيرورة منبثقة من أبحاث علمية وأسس نظرية حديثة تعمل على تجاوز قصور مقاربات تقليدية واختيارات عتيقة في التدريس؛ نتساءل عن مدى حضور أسس ومحددات هذا الاختيار الإستراتيجي (المتعلق بالوضعية-المسألة) في النصوص الرسمية، وذلك باعتباره اختيارا يرتكز على جعل المتعلم محورا أساسيا للفعل التعليمي-التعلمي، وفاعلا نشيطا في بناء تعلماته، وهي مبادئ نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين بما يكفي من الوضوح:

"ينطلق إصلاح نظام التربية والتكوين من جعل المتعلم بوجه عام، والطفل على الأخص، في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية"  (11). ولكي يصبح المتعلم فاعلا في بناء تعلماته، ومن ثمة محورا أساسيا للعملية التعليمية، يطمح الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى أن تصبح المدرسة المغربية الوطنية الجديدة:

- "مفعمة بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي" (12). وأن ترمي إلى " دعم نمو الذكاء التجريدي لليافعين، خصوصا من خلال التدريب على طرح المشكلات الرياضية وحل تمارينها وتمثل الحالات الإشكالية ومعالجتها " (13).

        أما الكتاب الأبيض فلم يكتف بتبني هذه الاختيارات والمبادئ وإعادة التنصيص عليها، بل عمل على تدقيقها وتوضيحها، وتحديد مجموعة من الإجراءات والوسائل القمينة بتفعيلها وتصريفها، مؤكدا رهانه على مواكبة المستجدات والبحوث التربوية والنتائج العلمية الحديثة: "هناك مستجدات تربوية متعددة أخرى تتجلى في المبادئ المنظمة المعتمدة من طرف مختلف اللجان، وفي التناسق الأفقي بين مختلف المواد الدراسية والبناء المتدرج لمفاهيمها وفق آخر ما توصل إليه العلم في ميادين النمو العقلي والنفسي للمتعلم، وبارتباط مع إبستيمولوجيا المواد الدراسية"(14). ويضيف ـ عند تقديمه لبرنامج الرياضيات بالإعدادي ـ : " ويهدف البرنامج كذلك إلى إعطاء المتعلم قدرا من المعرفة الرياضية تمكنه من تعاطي نشاط رياضي حقيقي وذلك من خلال الانتقال التدريجي من النمط الحسابياتي إلى النمط الجبري، ومن الوصف إلى الملاحظة والتجربة واستنباط النتائج والبرهنة عليها وتوظيف ذلك في البحث عن حلول مسائل رياضية متنوعة، والتعامل مع المسائل المفتوحة... هذا النشاط الرياضي الذي يمارسه تلميذ المدرسة الإعدادية، يساهم بموازاة مع مواد أخرى في جعله يتمرن على ممارسة النهج العلمي... وتنشيط قدرته على التخيل والتصور والتجريد. كل هذا يساهم في تنمية قدرات التلميذ على العمل الشخصي والمساهمة في تعلمه..."(15)

        أما التوجيهات التربوية العامة لتدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي فساهمت في تصريف وأجرأة هذا التوجه الذي:

- يجعل المتعلم في قلب الاهتمام والفكر والعمل، حيث تنص في سياق تحديدها لأهم سمات الطريقة الناجحة في التدريس، كما حددها بعض المربين حسب تعبيرها " اعتماد أساليب المناقشة والحوار، وتمركز العملية التعليمية حول المتعلم بدل المعلم، عكس ما عليه الأمر في الطرائق التقليدية "(16).

- يتجاوز إستراتيجية العقول المملوءة بالمعارف والمعلومات،حيث تنص مقدمة هذه التوجيهات على ما يلي: " إذ أن المعرفة التي لا تتحول إلى قدرة تمكن صاحبها من التصرف بكيفية مرضية لا قيمة لها، وعليه فإن التكوين الرياضي للتلميذ لا ينحصر فقط في الامتلاك الصوري للتعاريف والمبرهنات والنتائج والتقنيات... " (17)

- إحداث قطيعة مع الاختيارات الدوغمائية في التدريس،" إن مهمة المدرسين لم تعد تقتصر على ترسيخ أفكار معينة في أذهان التلاميذ أو حشوها بكمية كبيرة من المعارف والمعلومات، فالفكرة التي لا تأتي نتيجة تراكم الملاحظات والتجارب المتنوعة لن تكون أكثر من صيغة خالية من كل معنى "(18).

- يتجاوز إكساب التلميذ عادات وسلوكات آلية في التعامل مع الرياضيات،" ... فينبغي تدريب التلميذ على مواجهة المواقف الطارئة وحل المسائل غير المتوقعة وتخيل الوسائل الكفيلة لبلوغ غايات جديدة والقيام بأعمال لم يسبق له أن قام بمثلها "(19)؛وتضيف هذه التوجيهات، في سياق تفادي تكوين تلاميذ آليين automates وما يترتب عن هذا الاختيار من سلبيات: "... كما يجب تجنب تقديم العديد من التمارين المتشابهة في حصص الرياضيات، لأن مثل هذا العمل قد يؤدي في أحسن الظروف إلى ردود الأفعال الآلية، وفي أسوأ الحالات إلى الملل والنفور "(20).

- يتجاوز السؤال حول طرق التدريس ويتجه نحو الانطلاق من تصورات وإستراتيجيات المتعلمين (*)، حيث تنص هذه التوجيهات في سياق الحديث عن طرائق التعلم:" وقد بينت عدة بحوث ودراسات أنه يجب على التلميذ أن يكون محركا لتعلمه وفاعلا أساسيا لتربيته... وبالتالي، فإن المدرس مطالب بإتاحة الظروف التي تدعو التلاميذ إلى توظيف معلوماتهم ومحورة التعلم حول إستراتيجياتهم وتصوراتهم..."(21). 

- يولي أهمية خاصة لفعل التلميذ ونشاطه الفعلي، حيث تنص هذه التوجيهات في سياق التقديم لطرائق التعلم:" إن المعلومات الحالية حول سيرورة تعلم التلاميذ ومواضيع هذا التعلم تدفعنا للتأكيد على مبدأين بيداغوجيين سيرشدان المدرس في عمله:

- تيسير وتشجيع المشاركة الفعلية للتلاميذ في كل ما له علاقة بموضوع التعلم وبالإستراتيجيات التي تعدل هذا التعلم؛

- تفضيل اللجوء إلى طريقة حل المسائل في جميع مراحل التعلم " (22)

        وتضيف: "إشـراك المتعلم بفعالية في مختلف خطوات استكشاف المعرفة، وجعـله صانعا لتعلمه " (23).

- يتغيى التعلم الذاتي والتكوين الذاتي للمتعلم، حيث تنص هذه التوجيهات في مقدمتها على ما يلي :"... هذا، إلى جانب إيلاء التعلم الذاتي ما يستحقه من أهمية " (24)؛ وتضيف: " وتنمية قدرة التلميذ على العمل الشخصي والتكوين الذاتي " (25)؛ وتختم هذه المقدمة بما يلي:" وعلى العموم، فإن تعليم الرياضيات في التعليم الثانوي ينبغي أن يساهم في تنمية قدرات التلميذ على العمل الشخصي والتكوين الذاتي وتقوية استعداده للبحث المتواصل وتعليل مواقفه..." (25)

        وإذا كانت هذه الأفكار والاختيارات تحدث قطيعة مع تصورات عتيقة للعملية التعليمية-التعلمية؛ وتنسجم، كما لاحظنا، إلى حد بعيد مع مبادئ وأسس النظريات الحديثة في تدريس الرياضيات، فهل تتضمن هذه التوجيهات التربوية، بشكل من الأشكال، ما يفيد اعتماد الوضعية-المسألة في تدريس الرياضيات؟

        في محاولة منا للإجابة عن هذا السؤال، نشير في البداية إلى أن أول ما يثير الانتباه في التوجيهات التربوية الأخـيرة، هـو الحضور الملفت للانـتباه للمفردتين " وضعيـة "

 و" وضعيات " فيها، خلافا لسابقتها حيث وردت فيها كلمة وضعية مرة واحدة، إذ تنص التوجيهات الجديدة في سياق تحديد وسائل تنمية قدرة التلميذ على حل المسائل (ضمن الأهداف العامة) على ما يلي: "تنمية قدرة التلميذ على حل المسائل وذلك من خلال... تنمية قدرته على صياغة مسائل انطلاقا من وضعيات رياضية أو واقعية مألوفة أو غير مألوفة والتعبير عنها بنماذج رياضية " (26). وفي سياق تحديد وسائل تنمية قدرة التلميذ على التواصل رياضيا تنص على ما يلي: " وذلك من خلال: تنمية قدرته على نمذجة وضعيات أو عرض برهان أو توضيح استراتيجية أو حل مسألة " (26)، وتضيف:" تنمية قدرته على بلورة وتوضيح تمثلاته حول الأفكار الرياضية والوضعيات وتوظيفها "(26). كما ورد في سياق الحديث عن طرائق التعلم ما يلي:" وقد بينت عدة بحوث ودراسات أنه يجب على التلميذ أن يكون محركا لتعلمه... وبالتالي فإن المدرس مطالب بإتاحة الظروف التي تدعو التلاميذ إلى توظيف معلوماتهم... وذلك باختيار الأنشطة والوضعيات التي تؤدي إلى طرح مسائل..." (27). وبعد أن أوصت التوجيهات التربوية، بتفضيل اللجوء إلى حل المسائل في جميع مراحل التعلم، نصت على ما يلي: " إن القدرة على حل هذه المسائل تفترض تنمية مهارات عديدة من مستوى رفيع، وبالتالي تستلزم أن يكون المتعلم مطبوعا بها، وكلما وضع التلميذ في وضعية تحتوي على مسائل من الصنفين تقتضي ربط وضعية بنموذج كلما كان من السهل عليه تحليل هذه الوضعيات وإيجاد الحلول لها " (28).

هكذا نلاحظ مدى تردد كلمة "وضعية " في التوجيهات التربوية الجديدة، وهي ملاحظة يمكن اعتبارها مؤشرا على اعتماد الوضعيات في تدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي، سيما وأن البعد الأداتي والوظيفي للمعرفة الرياضية يحضر بقوة في نص هذه الوثيقة: " وأن بناء معرفة ما هي سيرورة معقدة ترتبط بالدرجة الأولى بالتلميذ، وبالتالي فإن المدرس مطالب بإتاحة الظروف التي تدعو التلاميذ إلى توظيف معلوماتهم ومحورة التعلم حول إستراتيجياتهم وتصوراتهم لمحاولة جعلهم يتقدمون في بناء مفهوم ما، وذلك باختيار الأنشطة والوضعيات التي تؤدي إلى طرح مسائل يتطلب حلها استعمال " أدوات " (أي تقنيات ومعارف مكتسبة) تفضي إلى اكتشاف مفاهيم جديدة تؤدي إلى " أدوات " تتيـح إنشاء معارف جديدة " (29). وهي فقرة تتضمن أهدافا معروفة للوضعية-المسألة (بناء معرفة جديدة، بناء مفاهيم جديدة، اكتشاف مفهوم جديد...) ووسائل محددة لتصريفها (الأنشطة، الوضعيات، محورة التعلم حول إستراتيجيات التلاميذ وتصوراتهم...) وتعكس توجها نحو جعل المعارف الرياضية حية وذات معنى:"...وعليه فإن التكوين الرياضي للتلاميذ لا ينحصر في الامتلاك الصوري للتعاريف...  بل ينبغي أن يتعداه إلى جعل هذه المكتسبات حية ذات معنى... " (30). هكذا تشير التوجيهات التربوية إلى مضمون وأهداف الوضعية-المسألة دون أن تذكرها بالاسم، وبهذا يبقى مفهوم الوضعية-المسألة ضمنيا أكثر منه صريحا في التوجيهات التربوية.

 خـلاصـة:

        لقد تبين إذن، من خلال قراءة النصوص التربوية الرسمية عموما، وما تضمنته التوجيهات التربوية العامة الجديدة لتدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي، التي تم التركيز عليها خصوصا، أنها جميعها تحدث قطيعة مع الاختيارات الكلاسيكية والتقليدية في التدريس، وتعبر عن طموح منسجم مع اختيارات ومبادئ أساسية في تدريس الرياضيات مبنية على أسس علمية حديثة، وتتضمن توجيهات وتعليمات يقتضي تصريفها وتفعيلها اعتماد الوضعية-المسألة في تقديم المفاهيم الرياضية الجديدة.

 إن عملية بناء وضعية-مسألة ليست بالأمر الهين، وقد تتطلب أحيانا مجهودا جماعيا، وعملا تربويا مؤسساتيا مهمته البحث والتنقيب لتوفير ما يكفي من مثل هذه الوضعيات، وبما أن   الكتاب المدرسي يعتبر موردا أساسيا يعتمده كل من المدرس والمتعلم كوسيلة تعليمية-تعلمية لبناء المعرفة، فهل ينحو الكتاب المدرسي الحالي في اتجاه ما تطمح إليه النصوص التربوية الرسمية؟ وهل يشكل موردا غنيا بالوضعيات-المسائل التي يمكن أن ينتقي منها المدرس ما يلائمه وما يناسب مستوى تلاميذه؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، يبدو من المفيد أن نقوم بقراءة لمضامين هذه الكتب المدرسية مرتكزين على كتابي السنة الأولى ثانوي إعدادي نموذجا.

 الوضعية المسألة بالكتب المدرسية:

 يبدو من المفيد أن نشير إلى أن من بين ما ميز الإصلاح الجديد في مجال الكتب المدرسية هو:

-         تحرير تأليف ونشر هذه الكتب التي لم تعد محتكرة من طرف الوزارة الوصية.

-         أنها تعلن عن هوية مؤلفيها، ولم تعد تصدر باسم الوزارة الوصية...

-         أنها متعددة بالنسبة للمستوى الدراسي الواحد والمادة الدراسية الواحدة.

-         أنها صدرت على شكل كتب للتلميذ وأخرى خاصة بالأستاذ (دليل الأستاذ/كتاب الأستاذ)، حيث تتضمن هذه الأخيرة توضيحات تتعلق بمرتكزات واختيارات لجن تأليف هذه الكتب التي تم استحضارها في بلورة وإعداد كتب التلميذ.

 لذا، يبدو من المفيد أيضا استكشاف هذه المرتكزات والاختيارات الواردة في دلائل الأستاذ لاستشفاف مدى انسجامها مع الاختيارات والمرتكزات الواردة في النصوص التربوية الرسمية عموما، وتلك المتعلقة باعتماد الوضعية-المسألة في تدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي خصوصا. 

بعدما لاحظنا أن من بين المنطلقات الأساسية للإصلاح الجديد:

-          الاقتناع بقصور المقاربات البيداغوجية السابقة، وضعف مردودية وفعالية التصورات الكلاسيكية المرتبطة بالتعليم والتعلم...

-         أهمية الاعتماد على نتائج الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة في تدريس الرياضيات.

-         أن المقاربة بالكفايات والتدريس بالأنشطة هي من الاختيارات الحديثة المنبثقة من هذه الدراسات والأبحاث.

-         أن التدريس بالأنشطة يستمد مقوماته من النظرية البنائية للتعلم التي ترتكز على تفاعل المتعلم مع وضعيات تعلمية.

فما مدى حضور هذه الاختيارات والمرتكزات بكتابي الرياضيات للسنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي؟

 1.3 – تحليل دليلي الأستاذ:

1.1.3-كتاب "الرياضيات"، الأولى إعدادي،دليل الأستاذ (:

يشير هذا الدليل إلى اعتبار تنمية الكفايات اختيارا أساسيا في تدريس الرياضيات نظرا لكونه يتجاوز قصور نظريات سابقة وذلك اعتمادا على المستجدات التي تراكمت في المجال التربوي:" تعتبر التربية على تنمية الكفايات من الاختيارات الأساسية للتغييرات والإصلاحات التي يعرفها نظام التربية والتكوين ببلادنا. وهذا الاختيار يسعى إلى تجاوز تعثرات المقاربات الأخرى (بيداغوجيا الأهداف-بيداغوجيا المضامين)، اعتمادا على التراكمات التي ترتبت عنها في المجال التربوي. " (31)؛ كما يركز هدا الدليل على أهمية التكوين الذاتي للمتعلم " إن الاختيارات التي تم تبنيها كمدخل للبرامج تولي أهمية قصوى للتكوين الذاتي للمتعلم..." (31). ولتصريف تصور حول تدريس الرياضيات يقوم على استراتيجية بناء المعارف، يوضح الدليل المذكور أهمية الأنشطة التمهيدية في جعل المتعلم مسهما في بناء معارفه اعتمادا على مكتسباته القبلية وإعطاء المدرس دورا أكثر حيوية وجعله متفاديا للدوغمائية والرتابة: " إن التدريس بالأنشطة يستمد مقوماته من النظرية البنائية للتعلم... المؤسسة على تفاعلية المتعلم مع العالم الخارجي، تفترض أن كل معرفة لا تخدم الكفايات التي وظفت من أجلها ولا تستمد معانيها وفعاليتها إلا من خلال الترابطات التي تشدها إلى المعارف الأخرى، وفي مقدمتها المعارف المكتسبة لدى المتعلم. والنشاط الرياضي من هذا المنظور نشاط يدفع المتعلم لاستحضار معارفه السابقة واستثمارها في وضعية-مسألة. وهذا الاستثمار – في حد ذاته – هو الذي يسهل اكتشاف معارف جديدة " (32)؛ " وهي (أي الأنشطة التمهيدية) عبارة عن أنشطة يتم استغلالها من قبل المتعلم والأستاذ معا من أجل بناء المعرفة المراد تقديمها... وهي أنشطة مصاغة على شكل وضعيات-مسألة تنطلق من المكتسبات القبلية للمتعلم، وتساعده على إدراج معارف جديدة، ومن خاصيات هذه الأنشطة، كما أشرنا إلى ذلك سلفا، كونها تجعل المتعلم مسهما في بناء معارفه عوض تلقيها، وكونها تعطي للأستاذ دورا أكثر حيوية، وتساعده – بالتالي – على تفادي الرتابة والدغمائية." (33). وتأتي الوضعيةـالمسألة كاختيار ديداكتيكي منبثق عن النظرية البنائية لبياجي والتي ترى أن اكتساب المعرفة سيرورة يتفاعل خلالها المتعلم مع وضعية تعلمية تفضي به إلى الإحساس بضرورة بناء معرفة جديدة بعد اقتناعه بقصور معارفه السابقة:" وتندرج مقاربة التدريس بالوضعيات أو بالأنشطة في هذا التوجه الإبستمولوجي، وذلك لكونها تربط النشاط أو الوضعية-المسألة بمجموعة من المواصفات أهمها:

-          توفير الشروط لخلق صراع معرفي لدى التلميذ، يسهم في الإحساس أو القناعة بعدم كفاية معارف سابقة وبالحاجة إلى معرفة جديدة تمكن من التوصل إلى الحل.

-         إثارة الرغبة في البحث عن نوع معين من المعلومات والمعارف، وتهييئ الأرضية لبناء معرفة جديدة "(34).

2.1.3-كتاب "المفيد في الرياضيات"، (الأولى إعدادي، دليل الأستاذ(:

     يقر هذا الدليل بقصور المقاربات البيداغوجية السابقة، وضعف مردودية وفعالية التصورات الكلاسيكية المرتبطة بالتعليم والتعلم و أهمية الاعتماد على نتائج الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة في تدريس الرياضيات: "بداية يفترض التدريس بواسطة الأنشطة استحضار البحوث الأساسية والهامة في علم النفس المعرفي وفي ديداكتيك الرياضيات؛ ويقتضي أيضا، أخذ نتائج تلك البحوث والدراسات بعين الاعتبار" (35)؛  "يجمع فلاسفة التربية المعاصرون، على أن المتعلم هو الذي يبني معارفه بنفسه، وينتصرون بذلك للنموذج البنائي " (36)؛ " يشكل التعلم حصيلة تفاعل الفرد مع محيطه، وذلك عبر ما يكتسبه من معارف ومهارات و مواقف و طرق التفكير و الإحساس و العمل" (36). ويوضح الدليل المذكور أن المقاربة بالكفايات تتجسد من خلال التدريس بالوضعية-المسألة المنبثقة من هذه الدراسات والأبحاث: " يعتبر المصطلح المركب (الوضعية-المسألة) من المفاهيم الأساسية المدرجة ضمن خيار الكفايات كمنهجية للتدريس. " (37)، و يرى أن من بين المهام الأساسية للمدرس اختياره للأنشطة المناسبة لتحفيز المتعلم وجعله مسهما في بناء معارفه وهذا رهين بإعطائه فرصا حقيقية للتفاعل مع هذه الأنشطة حتى يتسنى للمدرس الانطلاق من استراتيجيات المتعلم عوض تلقينه معارف جاهزة أو اعتماد طرائق محددة سلفا:

      " ونجاح المدرس في مهمته رهين باختياره للأنشطة المناسبة التي تحفز وتحث المتعلمين على المشاركة الفعالة والإيجابية. "(38)؛ "تتعدد طرق التدريس في الرياضيات، وذلك بالنظر إلى الوضعيات التعليمية ونوعية المستهدف بالتعلم... تتوقف نجاعة الطريقة على طبيعة الأسلوب المعرفي للمتعلم وإستراتيجيته المعرفية. إن طريقة التعلم الناجعة توظف إمكانية كل متعلم في بنائه للرياضيات من أجل استخدامها وتوظيفها شخصيا، شريطة منحه كافة الوسائل وليس تلقينه شيئا جاهزا " (39).

        إذا كانت هذه القراءة تبين بوضوح مدى انسجام مضامين دلائل الكتب المدرسية لتدريس الرياضيات بالسلك الإعدادي فيما يتعلق بالمرتكزات والاختيارات الأساسية عموما لكل من الميثاق الوطني للتربية والتكوين من جهة، والكتاب الأبيض والتوجيهات التربوية العامة لتدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي من جهة ثانية؛ وإذا كانت هذه الدلائل تؤكد أهمية بناء المعارف الرياضية من طرف المتعلم، وأن بناء هذه المعرفة يتجسد أساسا بواسطة التدريس بالأنشطة والوضعية-المسألة، فهل تتجسد هذه الاختيارات في كتاب التلميذ؟

        في محاولة منا للإجابة على هذا التساؤل سنعمل على تحليل مضامين الأنشطة التمهيدية والتقديمية التي يتضمنها كتاب التلميذ.

  3.2-الأنشطة التمهيدية بكتاب التلميذ :

        تتميز التوجهات الحديثة في تدريس الرياضيات، بإحداث قطيعة مع الاختيارات التقليدية في التدريس، والمتمثلة في تقديم المفاهيم الرياضية ككائنات objets بواسطة تعاريف جاهزة في أفق تخزينها في ذاكرة المتعلم وتدريبه على استعمالها لحل تمارين ومسائل تكون عادة على شكل خوارزميات تتطلب معالجتها اعتماد آليات Automatismes وذلك وفق التصور: " أتعلم ثم أطبق j’apprends puis j’applique ". جاء المنهاج الجديد لتدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي بالمغرب لمسايرة التوجهات الحديثة (كما سبق توضيحه في الفقرة المتعلقة بالوضعية-المسألة في النصوص الرسمية)، ولأجرأة هذه الاختيارات، اعتمدت الكتب المدرسية الجديدة أنشطة تمهيدية متنوعة لتقديم المفاهيم والمعارف الجديدة. لذا، سنعمل على تحليل مضامين هذه الأنشطة التمهيدية، وسنحاول تصنيفها لموقعة توجهات الكتب المدرسية بين الاختيارات التدريسية العتيقة والتوجهات العلمية الحديثة وذلك من خـلال دراسة كتابي التلميذ" الرياضيات، للسنة الأولى ثانوي إعدادي " و" المفيد في الرياضيات، للسنة الأولى ثانوي إعدادي " وذلك بعدما تم تحليل مضامين دليلي الأستاذ.

وتجدر الإشارة، إلى أننا لم ننطلق في تصنيفنا للأنشطة التمهيدية الواردة بالكتابين المذكورين أعلاه من تصنيف نظري جاهز، بل حاولنا تحليل مضامين مختلف الأنشطة (التمهيدية) السالفة الذكر، وتصنيفها حسب الأهداف التي يمكن أن تتحقق من خلال معالجتها مع التلاميذ، فبدا لنا أن هذه الأهداف تتأرجح بين:

  • التذكير ببعض المعلومات أو المعارف أو التقنيات الضرورية لمباشرة تعلمات جديدة؛
  • التحسيس بأهمية مفاهيم أو معارف جديدة، وإبراز حاجة المتعلم لاكتسابها من خلال بعض الأنشطة التي نعتناها بالتحسيسية؛
  • الاعتماد على تعلمات جزئية سابقة وتوليفها من خلال وضعيات تعلمية تتسم بالجدة والتعقيد، من أجل إدماج تعلمات جديدة، وهو ما أسميناه بأنشطة الإدماج؛
  • بناء تعلمات جديدة من خلال تجاوز عائق.

وبالتالي قادنا هذا العمل – الذي يتميز بطابع استكشافي – إلى تصنيف الأنشطة التمهيدية الواردة بالكتابين المدرسيين المذكورين إلى أربعة أصناف وهي:

-         أنشطة تذكيرية؛

-         أنشطة تحسيسية؛

-         أنشطة لإدماج التعلمات؛

-         وضعية-مسألة.

-         مجموعة أخرى من الأنشطة لا تنتمي لأي صنف من الأصناف السالف ذكرها ولا تتميز بقواسم مشتركة فيما بينها وهي ما عبرنا عنها بأنشطة أخرى.

سنعمل في ما يلي على توضيح المقصود بالنشاط التذكيري والنشاط التحسيسي والنشاط الإدماجي. أما الوضعية-المسألة، فقد سبق أن تطرقنا لها في مرحلة سابقة من هذا البحث.

ـ النشاط التذكيري: ونقصد به كل نشاط يتطلب من المتعلم استرجاع أو استحضار مجموعة من الموارد (معارف، معطيات، معلومات، تقنيات) التي درسها في مرحلة سابقة، والتي تعتبر ضرورية لتأهيله لاكتساب معارف جديدة. ويبقى الهدف الأساسي من الأنشطة التذكيرية هو امتلاك المتعلمين لحد أدنى من المعارف الضرورية لمباشرة التعلمات الجديدة، ومن ثمة تقليص الفوارق المعرفية بينهم فيما يخص المكتسبات التي تتطلبها عملية بناء المعرفة الجديدة. وتجدر الإشارة إلى أن تحضير نشاط تذكيري ـ في سياق معين ـ قد يتطلب القيام بتقويم تشخيصي. مثال1:(مأخوذ من كتاب: الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ، ص.60)

  • ارسم مستقيما (D)   وخذ نقطة A على (D)  
  • ضع نقطة B لا تنتمي للمستقيم (D)
  • أنشئ نقطة C بحيث تكون النقط A و B و C   على نفس المستقيم.

مثال2:(مأخوذ من كتاب: المفيد في الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ، ص.13)

اشترى أحمد محفظة بمبلغ 70درهما و5 دفاتر بثمن 4,30 دراهم للدفتر الواحد.

  • أكتب سلسلة العمليات التي تعبر عن المبلغ الذي سيدفعه أحمد.
  • أحسب   4,30 x5 +70 ثم حدد المبلغ الذي سيدفعه أحمد

ـ النشاط التحسيسي: تفاديا لإنزال مفهوم معين بواسطة تعريف جاهز أو استقراء شكلي، يهدف النشاط التحسيسي إلى توعية/ تحسيس المتعلم بالحاجة إلى معرفة جديدة أو بأهميتها في التعبير عن وضعيات أو مضامين يمكن مصادفتها. ومن أهم ما يميز النشاط التحسيسي كونه:

  • لا يتضمن عائقا من شأن تجاوزه أن يقود إلى بناء معرفة جديدة كما هو الشأن بالنسبة للوضعيةـالمسألة؛
  • يعد المتعلم للتعرف على المعرفة الجديدة وأهميتها أو مميزاتها؛
  • يتضمن عادة مجموعة من الخطوات المرحلية التي تتوج بتوضيح أهمية المعرفة الجديدة وعلاقتها بمعارف أخرى.

   مثال1:( الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ، ص.28 بتصرف)

يعطي الجدول التالي درجة الحرارة المسجلة في عدد من المدن المغربية خلال أحد أيام شهر دجنبر. وفي نفس هذا اليوم أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية عن تنبؤاتها بانخفاض درجات الحرارة ببعض المدن أثناء الليلة القادمة وذاك بدرجتين (المدن هي: أزرو، خنيفرة، ميدلت، مكناس).

- أتمم ملء هذا الجدول

المدن الرباط مراكش البيضاء أزرو يفرن خنيفرة ميدلت مكناس
الحرارة نهارا 10 12 8 1 1 3 -3 2
الحرارة ليلا                

- أوضح موقع درجات حرارة المدن المذكورة خلال النهار على المحرار جانبه

- ما هي المدن التي درجات حرارتها أصغر من 0 ؟ أكبر من 0 ؟

- قارن درجتي حرارة مراكش و يفرن

 ـ أنشطة الإدماج: تعتبر أنشطة الإدماج مرحلة من المراحل الأساسية وفق المقاربة بالكفايات، هذه المرحلة تلي مرحلة التعلمات الجزئية المتعلقة بمجموعة من الموارد المختلفة...وهذا ما يقود إلى اعتبار الإدماج تعبئة لموارد مختلفة المصدر والطبيعة، وإلى كونه سيرورة يربط خلالها المتعلم معارفه السابقة بمعارف جديدة فيعيد بنينة عالمه الداخلي، ويطبق المعارف التي اكتسبها في وضعيات جديدة ملموسة. وبهذا تتحدد أهم خصائص نشاط الإدماج فيما يلي:

  • أن يكون فيه المتعلم فاعلا وذلك عبر إمكانية تعبئته لمجموعة من الموارد المتنوعة بكيفية متراكبة (أي أنها غير مجمعة بشكل تراكمي)؛
  • إنه نشاط موجه نحو كفاية، ويتسم بالجدة بالنسبة للمتعلم؛
  • هو عبارة عن وضعية معقدة من محيط المتعلم (إنه ذو معنى).

يختلف نشاط الإدماج عن الوضعية ـالمسألة من حيث أنه لا يستهدف بناء معرفة جديدة، وإنه وإن كان يتسم بالتعقيد و الجدة، فإنه لا يتضمن عائقا (الهدف / العائق) كما هو الشأن بالنسبة للوضعيةـ المسألة ، لذا فإن إعداده لا يقتضي اللجوء إلى القراءة التاريخية والتحليل الابستيمولوجي للمعارف المراد إدماجها.

 مثال1:(الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ، ص.71)

 ـ أنشطة أخرى:  ونقصد بها أنشطة غير مصنفة ضمن الأصناف الأربعة السابقة (التذكيري، التحسيسي، أنشطة الإدماج، الوضعية-المسألة) والتي تميل غالبا نحو تقديم تعريف معين أو استعمال الآلة الحاسبة، أو تلك التي تكون ذات خلفية سلوكية أي أنها تعتمد استراتيجية تقسيم المعرفة المستهدفة إلى خطوات مرحلية بسيطة.

 مثال1: (المفيد في الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ،ص.73)

املأ الجدول التالي بعد نقله في دفترك:

N 1 2 3 4 5 6 7
n (2-)              
0,1)n)              

ماذا يمكنك أن تستنتج بخصوص إشارة قوة عدد عشري نسبي a ؟

مثال2: (الرياضيات، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، كتاب التلميذ، ص.47)

إذا اعتبرت أن قاعدة الإشارة لحساب جذاء عددين عشريين نسبيين تبقى صالحة لحساب خارج عددين عشريين نسبيين:

-    احسب:       2 ÷ 6-    ؛  3  ÷ 6-                        6- = 3 × 2-

           5 ÷ 20    ؛   4 ÷ 20                        20 = 5×4

           7 ÷ 56    ؛  ( 8-) ÷ 56                     56 = ( 7-) × (8-)

- احسب باستعمال المحسبة:

                  1,5) -)÷      (-7,5) ؛,5     1 ÷,5 7     ؛         7 ÷ 56-

  8)                      -)÷ 32     ؛     (5,2- ) ÷225-   ؛         (13- )÷ 169

-     تيقن أن قاعدة الإشارات بالنسبة للجذاء تبقى صالحة للخارج.

       سنقدم فيما يلي دراسة إحصائية تتوخى تصنيف الأنشطة التمهيدية الواردة بكل درس من دروس كتابي الرياضيات بالسنة الأولى ثانوي إعدادي " الرياضيات " و" المفيد في الرياضيات " إلى الأصناف الخمسة السابق ذكرها.

يعطي الجدول رقم 1 إحصاء لأصناف الأنشطة التمهيدية الواردة بكل درس من دروس كتاب " المفيد في الرياضيات " السنة الأولى ثانوي إعدادي.

 الجدول رقم 1

الفصول تذكير تحسيس إدماج وضعية مسألة آخر المجموع
العمليات على الأعداد الصحيحة والعشرية 3 3 1 0 0 7
الكتابات الكسرية-مقارنة الكسور 2 2 1 0 1 6
العمليات على الكسور 4 0 0 0 1 5
الأعداد العشرية النسبية: تقديم، مقارنة 0 3 0 0 0 3
جمع وطرح الأعداد العشرية النسبية 0 2 0 0 0 2
ضرب وقسمة الأعداد العشرية النسبية 1 1 1 0 2 5
القوى 0 0 3 0 2 5
النشر والتعميل 0 4 0 0 0 4
المعادلات 0 2 2 0 0 4
المستقيم المدرج-المعلم في المستوى 0 2 0 0 0 2
التناسبية 1 0 3 0 0 4
الإحصاء 0 2 1 0 0 3
المستقيم و أجزاؤه 5 0 0 0 2 7
المتفاوتة المثلثية-واسط قطعة 0 1 0 0 1 2
مجموع قياسات زوايا مثلث - مثلثات خاصة 1 0 4 0 0 5
المثلث: المنصفات-الارتفاعات 1 0 1 0 2 4
التماثل المركزي 0 0 0 0 4 4
متوازي الأضلاع 1 0 3 0 0 4
الرباعيات الخاصة: المستطيل-المعين-المربع 0 0 3 0 0 3
الزوايا المكونة من متوازيين وقاطع 0 0 2 0 1 3
الدائرة 1 0 1 0 2 4
الموشور القائم-الأسطوانة 1 0 0 0 0 1

حساب المحيطات والمساحات

 والحجوم

6 0 0 0 0 6
المجموع 27 22 26 0 18 93
النسبة المئوية 29,03  % 23,65 % 27,96 % 0 % 19,35 % 100%

 يعطي الجدول رقم 2 إحصاء لأصناف الأنشطة التمهيدية الواردة بكل درس من دروس كتاب

" الرياضيات " السنة الأولى ثانوي إعدادي

الجدول رقم2

الفصول تذكير تحسيس إدماج وضعية مسألة آخر المجموع
العمليات على الأعداد الصحيحة والعشرية 1 1 2 0 1 5
الأعداد الكسرية  1 0 3 0 1 5
الأعداد العشرية النسبية: تقديم، مقارنة وترتيب 1 4 0 0 0 5
الأعداد العشرية النسبية: المجموع والفرق 1 2 1 0 1 5
الأعداد العشرية النسبية: الجذاء والخارج 1 2 1 0 3 7
التوازي والتعامد 4 0 0 0 4 8
المحيطات والمساحات 1 1 4 0 0 6
الزوايا 3 0 1 0 3 7
المثلث 1 2 2 0 0 5
المستقيمات الخاصة في مثلث 1 3 1 1 3 9
النشر والتعميل 1 2 1 0 4 8
المعادلات 1 3 2 0 1 7
التماثل المركزي 2 3 1 0 5 11
متوازيان وقاطع 1 0 4 0 1 6
متوازي الأضلاع 1 0 4 0 2 7
الرباعيات الخاصة 1 0 6 0 0 7
الدائرة 1 0 2 0 1 4
الموشور القائم والأسطوانة القائمة 2 1 1 0 3 7
معلمة نقطة في المستوى 1 3 1 0 0 5
التناسبية 1 2 2 0 0 5
الإحصاء 1 0 0 0 3 4
المجموع 28 29 39 1 36 133
النسبة المئوية 21,05% 21,8 % 29,32  % % 0,75 27,07    % 100%

      يعطي الجدول رقم 3 إحصاء عاما لعدد الأنشطة التمهيدية الواردة بالدروس المكونة لكتاب " المفيد في الرياضيات " مبينا كل صنف من الأصناف الخمسة التي تحدثنا عنها سابقا مع النسبة المئوية التي يحتلها كل صنف منها:

 الجدول رقم 3

نوعية الأنشطة أنشطة تذكيرية أنشطة تحسيسية أنشطة الإدماج وضعية-مسألة أنشطة أخرى المجموع
العــدد 27 22 26 0 18 93
النسبة المئوية 29,03 % 23,65 % 27,96 % 0 % 19,35 % 100 %

 تعليق على الجدول رقم 3:

- تمثل الأنشطة التذكيرية أزيد من %  29 من مجموع الأنشطة التمهيدية الواردة في مختلف فصول / دروس كتاب " المفيد في الرياضيات "، فضلا عن الرائزالذي يسبق الأنشطة التقديمية في كل درس والذي يحمل عنوان " حول مكتسباتي " و يتكون من مجموعة من الأسئلة ذات الاختيارات المتعددة (Q. C. M)، وهذا يبين الأهمية التي يعطيها الكتاب للأنشطة التذكيرية.

- تمثل الأنشطة التحسيسية والإدماجية مجتمعة نسبة %51,61  من مجموع الأنشطة التمهيدية، ونظرا لأهمية هذه الأنشطة في جعل التلميذ محورا لعملية التعلم؛ فإن الأهمية التي أعطيت لهذه الأنشطة في كتاب " المفيد في الرياضيات " تجسد التوجه نحو إحداث قطيعة مع الاختيارات العتيقة في التدريس، والطموح إلى تبني إستراتيجية متمحورة حول مجهودات المتعلم في اكتساب المعرفة.

- يحتل صنف " أنشطة أخرى " % 19,35 من مجموع الأنشطة التمهيدية الواردة بكتاب

" المفيد في الرياضيات "، هذه النسبة تبين صعوبة العثور أحيانا على أنشطة تحسيسية أو إدماجية لتقديم بعض المفاهيم وتجسد – في جزء منها- خيطا رابطا مع بعض الاختيارات العتيقة في التدريس.

 يعطي الجدول رقم 4 إحصاءا عاما لعدد الأنشطة التمهيدية الواردة بالدروس المكونة لكتاب " الرياضيات " مبينا كل صنف من الأصناف الخمسة التي تحدثنا عنها سابقا مع النسبة المئوية التي يحتلها كل صنف منها:

الجدول رقم 4

نوعية الأنشطة أنشطة تذكيرية أنشطة تحسيسية أنشطة الإدماج وضعية-مسألة أنشطة أخرى المجموع
العــدد 28 29 39 1 36 133
النسبة المئوية 21,05% 21,80 % 29,32 % 0,75 % 27,07 % 100 %

تعليق على الجدول رقم 4:

- تمثل الأنشطة التذكيرية أزيد من %21  من مجموع الأنشطة التمهيدية الواردة في دروس كتاب "الرياضيات"، وهي نسبة تبين الأهمية التي يوليها هذا الكتاب لعملية التذكير بالمكتسبات قبيل تقديم كل فصل من فصول البرنامج.

- تمثل الأنشطة التحسيسية والإدماجية مجتمعة نسبة %51,12  من مجموع الأنشطة التمهيدية الواردة بكتاب " الرياضيات "، وهذا مؤشر على التوجه نحو اعتماد إستراتيجية التعلم الذاتي وتنمية الكفايات.

- يحضر صنف " الأنشطة الأخرى " في كتاب " الرياضيات " بنسبة تفوق % 27 ، وهذا دليل على صعوبة إيجاد الأنشطة الملائمة، عند تقديم بعض المفاهيم أو الخاصيات ، لتيسير التعلم الذاتي.

خلاصــة عامة:

- تمثل الأنشطة التذكيرية اختيارا أساسيا في تدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي.

- خطت الكتب المدرسية الجديدة لمادة الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي خطوة واضحة نحو بناء المعارف، ويتجلى ذلك في النسبة المهمة للأنشطة التحسيسية وأنشطة الإدماج ضمن الأنشطة التمهيدية لكتابي السنة الأولى (أزيد من 51 %).

- لازالت الكتب المدرسية الجديدة بعيدة عن أجرأة التدريس بواسطة الوضعيات – المسائل، إلا أن التطور الحاصل في الاختيارات الديداكتيكية بهذه الكتب من شأنه أن يعبد الطريق نحو تحقيق هذه الغاية في مرحلة مقبلة.

اقتراحات عملية:

  • §         ضرورة اعتماد المقاربة بالكفايات والتدريس بالوضعيات الديداكتيكية، كاختيار إستراتيجي، في برامج التكوين المستمر لفائدة أساتذة مادة الرياضيات العاملين بالتعليم الثانوي الإعدادي.
  • §         تحسيس الأساتذة بأهمية الأنشطة التذكيرية والتقويم التشخيصي عند مباشرة كل درس أو فصل جديد من فصول البرنامج.
  • §         توعية الأساتذة بأهمية اختيار الأنشطة التمهيدية الملائمة لتيسير بناء المعارف.
  • §         القيام بدراسات أخرى حول الكتب المدرسية الجاري بها العمل من أجل تقويمها تقويما علميا موضوعيا لرسم معالم إصلاحات أو تعديلات في المستقبل.

الهوامش

1.    باشلار(غ)، تكوين العقل العلمي، ترجمة خليل أحمد خليل، ط.4، المؤسسة الجامعية للدراسات للنشر و التوزيع، بيروت، 1983، ص.13

2.    نفسه، ص14

3.    بياجي(ج.) عن أحمد شبشوب، مدخل الى بيداغوجيا المواد –الديداكتيك-، مجلة الدراسات النفسية و التربوية، العدد 13، 1992، ص: 68

4.    بياجي(ج.) عن أحمد شبشوب، ص ص: 68-69

5.Piaget(J.), le constructivisme épistémologique, in bulletin de psychologie, mai-juin, 1998, pp : 226-227

6.Arsac(G.) et autres, problèmes ouverts et situations-problèmes, IREM de lyon, 1988, p : 96

7. IREM de picardie, des situations-problèmes en mathématiques au collège, 1989, amiens, p :5

8. Arsac(G.), op.cit, p :102

9.  IREM de picardie, op.cit, p :2

10. Arsac(G.), op.cit, pp : 103-104

11.المملكة المغربية، الميثاق الوطني للتربية والتكوين، طبعة يناير 2000، ص.10

12.نفسه، ص.11

13.نفسه، ص.34

14.المملكة المغربية...،الكتاب الأبيض,,,،ج1 ص,9

15.نفسه،ج3 ، ص,93

16.المملكة المغربية، التوجيهات العامة لتدريس الرياضيات بالتعليم الثانوي الإعدادي، شتنبر 2006، ص.7

17.نفسه، ص.1

18.نفسه،ص,2

19.نفسه،ص,1

20.نفسه،ص.11

    21.نفسه،ص.5

    22. نفسه،ص,5

    23.نفسه،ص,6

    24.نفسه،ص.1

    25.نفسه،ص.2

    26.نفسه،ص.3

    27.نفسه،ص.5

    28.نفسه،ص.6

    29.نفسه،ص .5

    30.نفسه،ص.1

    31.كتاب "الرياضيات" السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي،دليل الأستاذ، شركة النشر والتوزيع المدارس،الدار البيضاء ،2003،ص.4

    32. نفسه،ص.7

    33. نفسه،ص.19

    34. نفسه،ص.8

    35.كتاب "المفيد في الرياضيات"، السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي،دليل الأستاذ،  دار الثقافة للنشر و التوزيع، الدار البيضاء، 2003،ص.23

    36.نفسه، ص.17

    37.نفسه، ص.21

    38.نفسه،ص.13

    39.نفسه،ص.20

 Conseiller à un ami

Vous ne pouvez pas poster de commentaire.